تُنسب الى الفريق أول محمد حمدان دقلو العبارة الشهيرة “لخّوا العجين وغلبهم يعوسوه”، في وصف من شرعوا في أمرٍ جلل فنهضوا اليه وافترعوه، ثم تاهت بهم المتاهات، وانبهمت عليهم المسالك، وحاقت بهم الخيبة وقلة الحيلة، فتركوا العجين من خلفهم “ملخوخاً” وضربوا في التيه بغير هدى!
ولا نظن ان تلك العبارة انطبقت بنصّها وحرفها على أحد كما انطبقت على المدعو صلاح قوش وتابعه الكادر البعثي محمد وداعة، صديق الأول والمصدر المخضرم لجهاز الأمن والمخابرات في اوساط قوى اليسار على مدار السنوات.
سدر الأول في دروب الخيانة فغدر بأُمرائه الذين أولوه ثقتهم، وباع مبدأه وعقيدته وحزبه بأوهام الحكم وأحلام السلطة والصولجان، ثم ما لبث ان استيقظ من غفوته ليجد نفسه كسيراً حسيراً لاجئاً في البلد الشقيق، يوجهه ويدير شؤونه ضابط برتبة نقيب في جهاز المخابرات العامة المصرية، ويا لها من خيبة!
أما تابعه (المصدر) محمد وداعة فقد تسوّر أسوار الثورة، واجتهد في الصعود الى أعلى مئذنتها يمني نفسه الأماني، ولكن السلطة والمناصب تأبّت عليه واستعصت بعد أن ألقى به رفاقه من حالق واستأثروا من دونه، بعجين السلطة فعاسوه وأكلوه بما تيسر من طبيخ المناصب والامتيازات، وتركوه في دلجةٍ موحشة يائساً بائساً يشكو الى ربه ظلم الثورة التي أكلت بنيها ومن بينهم خيرة مصادر مدير جهاز أمن الانقاذ!
سكب الكادر البعثي محمد وداعة حبراً وعرقاً كثيراً خلال الاسبوعين الماضيين في خدمة سيده مدير جهاز أمن الانقاذ الموصوم بعار الخيانة، بعد أن أخرجه من سرداب “المصدر السري” ورقّاه الى درجة ضابط علاقات عامة، يجمّل وجهه، ويخفي سوءاته، ويصفي حساباته بالوكالة. وفي هذا المسار دلق وداعة نصف طن من الحبر الذي زوّده به مخدمه على أوراق الصحافة المحلية ومنابر السوشيال ميديا فأغرقها بشحنات من الأكاذيب والاباطيل على ذات النهج المعلوم الذي برع فيه المخدم خلال مسيرته الطويلة، هاوياً ثم محترفا، في عوالم صناعة المعلومات واختلاقها وتوظيفها ضد الخصوم. ولا عجب فالرجل يجرُّ من خلفه تاريخاً حافلاً في تصفية الخصومات باستخدام آليات جهاز الأمن وتوظيف المتسولين من العملاء والمصادر.
ونعلم بذات القدر كيف انشق وداعة عن حزب البعث الأصل بعد أن أنشأ له مخدمه قوش حزباً خاصاً به بمواصفات معينة ثم قام بتأجيره له بعد أن أكمل تأثيثه على نظام الشقق المفروشة، وأطلقه بعد ذلك غواصاً في المياه الاقليمية للكيانات المعارضة لنظام الانقاذ.
وقد لاحظ كثيرون ان وداعة بعد ان افتضح أمره في أندية الخرطوم السياسية أصابه القنوط واستيأس فلم يجهد، بعد ذلك، في إخفاء طبيعة العلاقة الخاصة الوثيقة التي ربطته بمدير جهاز الأمن. ولا غرو إذ شاهده الداخلون والخارجون في حفل زواج نجل سيده ومخدمه، قبل أسابيع، يقف في طليعة الخواص والمقربين منشرحاً مسكوناً بالفرح يستقبل الضيوف، ويقوم بتجليسهم، ويعمل على اكرامهم .. ويودعهم!
ثم نأتي الآن الى مجموعة المواد الموسومة “طه وطه” التي ضخها ضابط العلاقات العامة في الوسائط، وهي في حقيقتها كبسولات محرفة بذكاء وخبث تم انتزاعها من بطون بعض الملفات التي ولى بها صاحبها هارباً مذعوراً في جنح الليل بعد ان ترك عجينه الملخوخ من خلفه. وسنتناول من خلال هذه السلسلة تلك الأباطيل والاكاذيب واحدة تلو الاخرى، فنضربها ببعضها، ونسحقها سحقاً، ونزهقها كما يُزهق كل باطل، ثم نعلي من فوقها، بمشيئة الله، رايات الحق الأبلج، والحق يعلو ولا يُعلى عليه.