من أعجب ما كتب محمد وداعة وهو يحسب أنه يُبدع ويحسن صنعاً في اطار المشروع الذي أناطه به سيده ومخدمه صلاح قوش، وهو اغتيال شخصية الفريق طه عثمان، ان الأخير كان يتصرف من وراء ظهر الرئيس البشير بايعاز من الأمارات والمملكة السعودية التي يحمل جنسيتها، وأنه هو الذي قرر مشاركة القوات السودانية في حرب اليمن. ولو صدقت هذه الاعجوبة فسيصدق معها وينتصب السؤال: ولماذا إذن ظل الحال على ما هو عليه دون تصحيح على مدار السنوات الست منذ غادر طه عثمان موقعه، والسنوات الأربع منذ سقوط النظام؟ ألم يكن سيدك ومخدمك صلاح قوش خلال السنتين الاخيرتين من عمر النظام واحداً من أركان السلطة واصحاب السلطان، فلماذا لم يتدخل لايقاف المهزلة؟ بل ولماذا استمرت حكومات قوى الحرية والتغيير متواطئة على ذات السياسة دون ان تعلن موقفاً جديداً وقراراً مغايراً طالما كان الموقف والقرار الاول معيباً وفي غير مصلحة السودان؟!
ثابر وداعة على حشد أشكال وألوان من الاتهامات أخذ ينشرها تباعاً ثم يعيد تكرارها، وفي طليعتها اتهام يتصل بوديعة من دولة قطر زعم ان طه عثمان قام بتسييلها والتصرف فيها، وهو اتهام باطل من قمة رأسه الى أخمص قدميه. وحقيقة الأمر أن الوديعة القطرية موجودة ورابضة في الحفظ والصون حتى يوم الناس هذا في أحد كبريات المصارف بدولة البحرين مودعة في حساب يخص بنك السودان المركزي وما زالت الحكومة تدفع فوائد هذه الوديعة بانتظام، وفي وسع هذا المتكذّب المتهجم ان يستفسر عن الحقيقة من أمر هذه الوديعة من سلطات البنك المركزي ان صح ما يدعيه من حرص على المال العام!
وعلى ذات نهج التعميم والثرثرة الجوفاء والاتهامات المنفلتة بغير عقال أغرق ضابط العلاقات العامة محمد وداعة الوسائط بمقولات درامية من نحو: “لماذا لم تتقصى لجنة تفكيك التمكين عن الأموال التي تسلمها طه من الرئيس المعزول”؟ وهي مقولة ضخمة تستولد أسئلة اكثر ضخامة: ماهي تلك الأموال؟ وماهو مصدرها؟ وكيف ولماذا ومتى تسلمها طه؟ وماهي آليات التسليم؟ لا أحد يعرف وإنما هي أسئلة معلقة مثل دخان في الهواء يطلقه الرجل دون ان يطرف له جفن وكأنه يخاطب جمعاً من البلهاء ولسان حاله يردد المثل الشعبي السائر “العيار اللي ما يصيبش يدوش”!
ذات الشئ ينطبق على أجزاء أخرى كثيرة وردت في الحلقات مدفوعة الأجر ومن ذلك قوله: “الأموال المتحصلة من تعلية فواتير البترول”، وعبارات اخرى مبهمة ومتاحة بأريحية وكرم واسع عن تصرفات في ملايين ومليارات الدولارات! من أين جاءت هذه الملايين والمليارات التي يقال ان طه عثمان نهبها او تصرف فيها؟ الله ومحمد وداعة ومخدمه قوش فقط هم الذين يعلمون! كيف قام طه عثمان ب “تعلية فواتير البترول” وما هو معنى عبارة “تعلية فواتير” اصلاً؟ العلم عند اهل العلم!
وكأن كل ذلك السيل من الأباطيل لم يكن كافياً فوجئنا بالنائحة المستأجرة تأتي بعجيبة اخرى من عجائب مشروع اغتيال الشخصية، فطالعنا الإدعاء الجرئ الوقح بأن طه عثمان تصرف بالبيع في المنزل الذي كان الرئيس جعفر نميري قد أهداه الى الأمير زايد بن سلطان قبل ما يقرب من نصف قرن والكائن بالقطعة رقم ١٢/٣٣
حلة حمد بمبلغ 5.5 مليون دولار، ثم اضاف ما يوحي بأن هذا المبلغ ذهب الى طه شخصياً وأنه شريك في استثمار ذلك المنزل بعد البيع. ولو كان الشبح الذي يقف وراء سلسلة المهازل هذه يملك ذرة من الاحترام للكاتب/المصدر لما ورطه في مثل هذا المنحدر الوعر، ولما جعل منه أضحوكة بين الناس.
والحقيقة من أمر ذلك المنزل المفترض ملكيته لورثة زايد بن نهيان أنه آل الى جهاز الأمن والمخابرات، وهو اليوم ضمن ممتلكات الجهاز ومسجل قانوناً كاحدى العقارات المملوكة له ولا صلة للفريق طه بذلك المنزل ولا بالبيع المزعوم الذي لم يحدث أساساً!
وهناك وجه شبه كبير بين مآلات منزل الشيخ زايد، موضوع الفرية التى افتراها محمد وداعة، وبين منزل سفير دولة يوغسلافيا السابقة بالخرطوم بحي كافوري ومقر السفارة بالخرطوم (٢) الذي استولى عليهما اثنان من كبار رجال الاعمال، بعد انهيار دولة يوغسلافيا، وأدعيا ملكيتهما للعقارين، إذ تدخل جهاز الأمن والمخابرات وقام بإجلاء المتعدين، وتم تسجيل المنزل والمقر باسم الجهاز.
وعجائب وداعة ومخدمه قوش لا تنتهي!
(نواصل)