الطاهر ساتي يكتب: (التسوي بإيدك).. ما بين البرهان والمجلس المركزي للحرية والتغيير

إليكم

:: ومن كتب المطالعة، بمناهج الجيل الفاشل، حكاية القط والفأر.. فالقط والفأر تصالحا، ثم نظما رحلة بالمركب بمناسبة الصلح، وبعد ساعة من الإبحار جاع القط، وصاح في الفأر غاضباً: (كتحتني ياخ، أنت عميان؟)، فاستغرب الفأر، وأخبره بأنهما على مركب في النيل، حيث لا يوجد تراب، فصاح فيه: (غير قلة أدبكم دي البخلينا ناكلكم شنو؟)، ثم هجم عليه وأكله..!!

:: وهذا ما يحدث دائماً بين رئيس السيادي عبد الفتاح البرهان والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.. ولعلكم تذكرون ما حدث بين البرهان وقوى الحرية بعد نجاح الثورة، حيث تخاصما عاماً كاملاً، ثم تصالحا بالوثيقة الدستورية، ثم صاح فيهم البرهان (كتحتوني)، ثم هجم على الوثيقة الستورية بما أسماه تصحيح المسار وما أسموه بالانقلاب..!!

:: وعقب تصحيح المسار أو الانقلاب، بدأ فاصل جديد من الخصام بين البرهان ونشطاء المجلس المركزي، بحيث تبادلوا خلاله كل أنواع الاتهامات والشتائم، وتنابذوا بكل الألقاب، وتحالفوا مع السفراء والمبعثوين – وكل ما هو أجنبي – ضد بعضهم، ثم فجأة تصالحوا مرة أخرى وركبوا (مركب الإطاري)، ولكن يبدو أن الرحلة النيلية لن تكتمل، فالبرهان في مرحلة (كتحتني)..!!

:: نعم، عندما يشترط البرهان دمج قوات الدعم السريع في الجيش، ثم يقول إنَّ الدمج هو الفيصل في دعمه للاتفاق الإطاري وموافقته عليه، فإن هذا الحديث لا يختلف كثيراً عن (كتحتني)، أي.. وخطاب البرهان غير موجه للدعم السريع، ولا لنائبه حميدتي، كما يظن البعض، بل لمن يرافقونه في مركب الإطاري بمناسبة المصالحة..!!

:: فالدعم السريع كان ولا يزال يعمل تحت (قيادة الجيش)، ولم يستقل يوماً عن الجيش، ولو فعل ذلك لسمعنا بتمرده.. وقد يكون لحميدتي مواقف وآراء سياسية مستقلة عن البرهان وغيره من أعضاء المكون العسكري، ولكن الدعم السريع – كقوة عسكرية – غير مستقل عن الجيش، لا إدارياً ولا فنياً.. هذه واحدة..!!

:: والثانية، لم يصدر عن حميدتي تصريحاً أو تلميحاً يشير إلى رفضه لدمج الدعم السريع في الجيش، وكذلك لم يصدر عن المجلس المركزي ما يشير إلى رفضه لدمج الدعم السريع في الجيش.. ومناهضتي الواضحة للإطاري لا تحول بيني و(شهادة حق)، إذ لكل أطراف الإطاري تصريحات – موثقة في صحفنا – تطالب بدمج الدعم السريع و الحركات في الجيش..!!

:: وإن كانت هناك قضية متفق عليها بالإجماع في بلادنا، فهي دمج الدعم السريع والكفاح المسلح في الجيش، وليس هناك من يعترض على ذلك، لا المجلس المركزي ولا الكتلة الديمقراطية ولا حميدتي ولا غيره، لم يرفض أحد.. أما كيف ومتى يتم الدمج؟، فهذا موضوع آخر، وليس مكانه بيوت الأعراس.. فالمهم للغاية هو لم يرفض أي طرف أن يكون في البلد (جيش واحد)..!!

:: وعليه، قضية دمج الدعم السريع لا تصلح بأن تكون سبباً منطقياً للانقضاض على الإطاري، علماً بأن هناك أسباب منطقية كثيرة للتخلص منه.. ولو وقف البرهان على مسافة واحدة من كل الأحزاب ما عدا المؤتمر الوطني، كما وعد في بيان (25 أكتوبر)، لما اختلف معه حميدتي سياسياً، ولما ضاق به الإطاري الجاري التخلص منه، لأسباب منطقية وأخرى من شاكلة (كتحتني)..!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.