احمد حضرة: لابديل للخروج من الأزمة الحالية إلا بتكملة بنود الاتفاق
عبدالقادر محمود: السيناريو القادم استقرار نسبي في المشهد السياسي
الفاتح عثمان: أتوقع الوصول لحل وسط بين الكتلة والمركزي
الخرطوم: محجوب عيسى
يكتنف الغموض والضبابية المشهد السياسي في البلاد بسبب حالة الشد والجذب وحرب التصريحات بين الفرقاء السياسيين والعسكريين، وبرز في الأفق قبس ضوء، “الإطاري” الذي وجد توافقاً واسعاً لتجاوز الأزمة والخلافات التي كادت أن تعصف بإمكانية توافقها وتشكيلها حكومة تدير ما تبقى من الفترة الانتقالية، وفي غضون ذلك، يرى خبراء ومحللون تحدثوا لـ(اليوم التالي) أن السيناريو المتوقع، يبشر باستقرار نسبي في المشهد السياسي، وإمكانية إجراء حوار شامل وتوسيع دائرة الإطاري ليشمل الجميع، فيما توقع آخرون، نجاح العملية السياسية، وعودة القوات المسلحة للثكنات، وتشكيل حكومة مدنية كاملة.
نجاح عملية
يقول عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير، مقرر المكتب التنفيذي في حزب التجمع الاتحادي، أحمد حضرة، إن الإحساس لدى المتابعين للشأن السياسي السوداني وتوتر الأوضاع نسبة للتصريحات المتبادلة بين قيادات قوات الدعم السريع والقوات المسلحة أحياناً في اتجاه سلبي إيجابي تارة أخرى، كما لمسناها في تصريحات قائد الدعم السريع حميدتي الأخيرة.
وأضاف حضرة – في تصريح لـ(اليوم التالي) رغم التوافق على الاتفاق الإطاري والتوقيع عليه، فلا مخرج للوضع الحالي إلا بنجاح العملية السياسية، واستعادة التحول المدني وتشكيل حكومة وهياكل مدنية كاملة وابتعاد القوات المسلحة وعودتها للثكنات كما ينص الاتفاق.
وتابع: لابديل للخروج من الأزمة الحالية إلا بتكملة بنود الاتفاق بمخرجات الورش الجاري انعقادها وتسريعها لاتفاق توسعت فيه المشاركة من أصحاب المصلحة في القضايا الخمس الرئيسية العدالة والعدالة الانتقالية إزالة التمكين السلام وقضية شرق السودان والإصلاح الأمني والعسكري.
وبحسب أحمد، إنهم على أعتاب نجاح جهود الآلية الثلاثية والرباعية والمجتمع الدولي الداعمة للعملية السياسية التي على مشارف الختام مثل ما ذكر، رئيس البعثة الدولية، فولكر والوصول للتوقيع النهائي وتشكيل الحكومة المدنية المرتقبة قبل شهر رمضان، رغم العقبات المستمرة والمساعي لإفشالها من الذين لا يتفقون معها؛ خاصة بقايا النظام السابق، بجانب جهودهم لقطع الطريق على الاتفاق و الوقيعة بين القوات المسلحة والدعم السريع، من أجل نسف الاستقرار في البلد والمنطقة بأسرها.
وأكد أن سيناريو خروج البلاد عبر الاتفاق الذي يحقق عودة المدنية الكاملة وتحقيق انتقال سياسي مستقر للوصول للتحول الديمقراطي الذي يمكن الشعب السوداني بإرادة حرة دون تزوير في الانتخابات القادمة من اختيار من يحكمه في مستقبل البلاد الآمن والمستقر.
استقرار نسبي
غير أن المحلل السياسي عبدالقادر محمود صالح، قال إن السيناريو القادم استقرار نسبي في المشهد السياسي في خضم غليان الشارع وثبات القوى الثورية الحية على مبادئها وشعاراتها، لكن إن حدث هذا الاستقرار فإن الوضع الاقتصادي بالضرورة سيتغير بسبب ارتباطه بالتبعية والتمويل الدولي.
ويرى محمود في إفادة لـ(اليوم التالي) أن التصريحات الأخيرة مضافا إليها التقارب في وجهات النظر بين المركزي والكتلة جعل رئيس البعثة الأممية فولكر، يصرح بقرب نجاح العملية السياسية والتي ستفتح الطريق أمام تشكيل حكومة انتقالية قبل شهر رمضان.
وأضافََََ.. هناك شبه إجماع حول الاتفاق الإطاري بعد تجريحه وإضافة بعض البنود التي جعلت الكتلة الديمقراطية تطمئن على مستقبل اتفاق جوبا، والمكاسب السياسية والاقتصادية للحركات المسلحة.
واعتبر جزءاً من تصريحاته الفريق أول البرهان السابقة لم تخل من المناورة السياسية وملء الفراغ السياسي، وأن تواتر التصريحات من قادة المكون العسكري بشقيه القوات المسلحة والدعم السريع هدفها معلوم حتى إلى مبتدئي علم السياسة، أنها تصريحات تأتي في سياق فشل السياسيين في إدارة المشهد السياسي، وتركه لقادة المكون العسكري الذين أصبحوا محنكين أكثر من غيرهم في ضفة المكون المدني الغارق في صراعاته الصفرية.
ويلفت إلى أن تصريح الفريق البرهان تؤكد حقيقة أن المؤسسة العسكرية تقف وبكل صلابة مع التحول الديمقراطي والبناء المدني للدولة وفق شروط الرباعية الدولية التي تمخض عنها ما يعرف بالتسوية السياسية، ومن تصريحه الداعم للاتفاق الإطاري، وذلك يشير إلى أن المؤسسة العسكرية قد وجدت ضالتها من خلال استرداد ثقة الجماهير بالوقوف مع تطلعات الشعب وثورته؛ حتى الوصول إلى السلطة المدنية والتي لا شك ستكون القوات المسلحة جزء من طاقم حراستها وحراسة مصالحها المتشعبة.
تغيير حقيقي
وبحسب محمود.. أن الجيش لا يتطلع إلى حكم البلاد خاصة وأن الأوضاع السياسية الراهنة تقتضي تغييراً حقيقياً في بنية الدولة ومؤسساتها ومسألة تكرار ذات المنوال، حكم العسكر عن طريق الانقلابات ما عادت فكرة تحظى بقبول قطاع واسع من الشعب السوداني، ما يعني أن الجيش أدرك حقيقة عدم جدوى استمرار والتشبث بالسلطة، بدلا عن ذلك ترك المشهد السياسي للمدنيين وهذا تطور إيجابي سينقل البلاد إلى مربع التأسيس المدني للدولة والمجتمع.
وتابع: من جهة أخرى، هناك مخاوف إقليمية ودولية بشأن عودة الإسلام السياسي على ظهر أحد طرفي المكون العسكري، وأن تصريحات حميدتي لم تخف تلك المخاوف؛ حيث أشار – وبشكل صريح – إلى عناصر النظام السابق وتخطيطهم للفتنة الجارية الآن لتخريب السودان وحرقه، ومن ثم هدم المعبد بكامله ليتسنى لهم العود الخبيث!
وطبقاً لعبد القادر.. أن أحد السيناريوهات القادمة، اتساع مظلة الاتفاق الإطاري، وفق تصريحات وإشارته للحركات المسلحة غير الموقعة لتشمل عبد الواحد وعبد العزيز، لتعزيز الفترة الانتقالية الجديدة وصولاً إلى استقرار سياسي دون مجموعات الإسلام السياسي، وأردف.. وللوصول إلى ذلك الهدف تبقى عملية دمج المليشيات وقوات الحركات هي المدخل إلى تأسيس مؤسسة عسكرية وطنية جديدة قوامها السودان الجديد، فضلاً عن أن تصريحات كلا الفريقين وما تضمنته من رغبة جادة بعدم الاستمرار في الحكم وترك المشهد السياسي للتفرغ لعملية دمج القوات في مؤسسة وطنية واحدة يعد مؤشراً إيجابياً نحو سودان جديد قوامه الوحدة والسلام والاستقرار.
حوار شامل
وفي السياق ذاته.. أشار الخبير القانوني نبيل أديب لإجراء حوار شامل بين القوى السياسية، وقال أديب لـ(اليوم التالي) أعتقد أن استبعاد أي مجموعة من المجموعات السياسية المؤيدة للتحول الديمقراطي ستحدث شرخاً في الفترة الانتقالية يصعب معه الوصول لنظام ديمقراطي، وتابع.. إن تشكيل الحكومة وموعده لا أعتقد أن فولكر صاحب قرار في هذه المسألة والتي يقررها المتحاورون من الكتل التي تسعى للتحول الديمقراطي، واستدرك، لكن لا أرى خلافات تستدعي أن يتجاوز الحوار فترة شهر من الآن.
ميلاد حكومة
ولم يذهب بعديداً الخبير الاستراتيجي الفاتح عثمان، في حديثه لـ(اليوم التالي) ويقول إن الساحة السياسية السودانية باتت نشطة و تشهد تجاذبات بعضها خشن، لكن يمكن تسميتها بمرحلة المخاض لميلاد حكومة انتقالية جديدة بقيادة مدنية، إذ بات التوصل إلى حل وسط بين الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية والحرية والتغيير، المجلس المركزي أمر يمكن توقع حدوثه في أية لحظة في خلال هذا الأسبوع أو على الأقل في بداية الشهر القادم، أما العسكر فهم مجتمعون على الالتزام بالاتفاق الإطاري ويرغبون في ضمانات بتوسيع المشاركة لكي يعبر عن كونه أداة لإدارة الفترة الانتقالية، وأشار إلى رغبة الجيش في حسم دمج الدعم السريع في الجيش السوداني وفق برنامج دمج واضح، قبل أن يجازف بتسليم السلطة التنفيذية، ولذلك أرسل قائد الدعم السريع رسالة واضحة جداً للجيش يعلن فيها التزامه بالدمج في الجيش، لكنه يريد ذلك عبر الاتفاق الإطاري وليس بشكل منفرد، أي يريد الاندماج في الجيش بعد تسليم السلطة التنفيذية لجهة مدنية، وتوقع عثمان حدوث وساطات ولقاءات بين رئيس مجلس السيادة ونائبه لحسم هذا الملف بما يكفل المضي قدماً نحو تكوين حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية، ودمج الدعم السريع في الجيش السوداني.
وحول سيناريو تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية قبل رمضان قال : إنه أمر ممكن الحدوث، لكنه غير محسوم بشكل قاطع؛ لأن السياسة في السودان قابلة دوماً للمتغيرات، ويصعب التكهن بتاريخ قطعي لتكوين حكومة توافق سياسي سوداني، لكن يمكن القول إن الأطراف السياسية السودانية والعسكر باتوا قريبين من التوقيع على الاتفاق النهائي لتكوين حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية؛ مالم تحدث مفاجآت، وهي أشياء لا يستبعد حدوثها في السودان.
المصدر: اليوم التالي