كواليس لقاء البرهان وأبي أحمد.. ما الذي دار خلف الأبواب المغلقة؟

الخرطوم – سوسن محجوب
بعد أشهر من تنامي التصعيد بين الخرطوم وأديس أبابا بسبب ملف الحدود، عُقد اجتماع مغلق جرى في العاصمة نيروبي بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، على هامش قمة (الإيقاد).
وما رشح عن الاجتماع بحسب إعلام مجلس السيادة، فإنه عن المعطيات الآنية التي نواجهها في هذه المرحلة، مشيراً إلى أنهما اتفقا على حل كل القضايا العالقة بين البلدين عبر الحوار والطرق السلمية، بما يحقق مصلحة الشعبين السوداني والإثيوبي، إلا أن السؤال هل انتهى الخلاف بين البلدين؟

اللقاء (التمهيد)
ويعتقد الصحفى والمهتم بقضايا القرن الأفريقي، عبد المنعم أبو أدريس، أنه لا يمكن أن نقول إن لقاء نيروبي فتح صفحة جديدة في علاقات السودان وإثيوبيا، لكنه يمكن أن يمهد لها، ويضيف في حديثه، أن أكبر تحدٍّ تواجهه العلاقات بين البلدين هو ترسيم الحدود بمحاذاة الفشقة في ظل الادعاء الإثيوبي بأن بعض الأراضي السودانية تتبع لها، وهناك تحدٍّ آخر يتمثل في أجندة قوى إقليمية ودولية في المنطقة وسعيها لاستخدام أطراف محلية لتحقيق أهدافها.

صورة أبي أحمد
فى المقابل يرى الخبير الدبلوماسي، الرشيد أبو شامة، أن اللقاء سيكون له تأثيره على العلاقات بين البلدين مجدداً، شريطة عدم حدوث أي إخفاق جديد يعيد الأزمة إلى المربع ذاته، وفي رأيي صورة الرئيس الإثيوبي أبي أحمد خلال اللقاء تعد مؤشراً قوياً لرغبة الرجل وجديته للتنازل مقابل استقرار علاقته مع السلطات السودانية.
وينوه في حديثه، وفي المقابل فإن هذا اللقاء لا يمس ملف سد النهضة وإنما سيكون فقط فى إطار ملف الحدود، وسيكون الموقف السوداني من الملف كما هو.
وحول التحديات التي تواجه اللقاء نفسه يرى أبو شامة أن أي تقارب بين الخرطوم وأديس أبابا مؤكد لن يرضي الجارة مصر، لكن المؤكد هو وجود علاقة قوية بين البرهان ونظيره المصري السيسي، وأعتقد أن اللقاء سيكون لحسم ملف الحدود فقط، وأن التنسيق بين الخرطوم والقاهرة بشأن سد النهضة سيكون كما هو، دون المساس به.
وحول كيفف يتمكن أبي أحمد من كسب موقف قومية الأمهرا التي تتمركز في الحدود السودانية، يوضح السفير أبوشامة أن أبي أحمد لن يدخل في أي خلافات مع الأمهرا، ولكنه سيحسم عبر الجيش الإثيوبي أي تفلتات في مناطق الفشقة، ولذلك أمام الجيش السوداني فرصة لحسم أي تعديات من مليشات الأمهرا وغيرها من الميليشيات الإثيوبية في مناطق الفشقة أو أي مناطق حدودية بين البلدين.

دولة الأمهرا
ويقول الخبير في القضايا الأفريقية، محمد تورشين، إن قضية الفشقة متجددة، وتظل هكذا ما لم يتم حسمها عبر الاعتراف باتفاق 1902، وينوه إلى أن هذه الحدود واضحة للعيان، والمجموعات الإثيوبية مسنودة بالجيش الإثيوبي أو مليشات (فاقو) أو مليشات (الأمهرا)، استطاعت أن تتوغل فى الأراضي السودانية.
وفي رأيي أن الصورة التي ظهر بها الرئيس الإثيوبى أبي أحمد مع البرهان فى تقديري صورة عابرة، ولن تغيّر شيئاً على أرض الواقع؛ وذلك لأن مسألة الحدود تتبع للسلطات الفيدرالية بقيادة أبي أحمد، لكن السلطات في إقليم الأمهرا ــ وإثيوبيا دولة فيدرالية، لديها سلطات وصلاحيات لكل إقليم ــ هي صاحبة الكعب الأعلى وصاحبة النفوذ باعتبار أن معظم المستثمرين ورجال الأعمال وصغار المزارعين لديهم مصالح في الأراضي المحتلة في الفشقة والأمهرا يمثلون الدولة العميقة والعمود الفقري للدولة الإثيوبية.
وبالتالي، لا يستطيع أبي أحمد أن يغامر بمصالحهم من أجل سلام مع السودان، لأن ذلك ينعكس بشكل مباشر على مستقبله واستمراره فى الحكم، وبالتالي لا يمكن الرهان على هذا اللقاء، وليست هناك أي مؤشرات إيجابية لهذا اللقاء إلا باعتراف صريح بانسحاب جميع الإثيوبيين المتواجدين في الأراضي التي يحتلونها، ومن بعد يتم التشاور في القضايا الأخرى مثل سد النهضة والاتهام الإثيوبي للسودان بأنه يدعم جبهة تحرير التقراي.
وبالتالي أعتبر أن التحديات وتجدد الاشتباكات ماثلة، ويظل الخلاف في قضية سد النهضة قائماً ويمكن أن تحدث مواجهة عسكرية في أي لحظة في الشريط الحدودي.

المصدر – السوداني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.