حوار | الجاكومي: “الحزب الشيوعي من مشكلات البلد.. ياخ دا حزب وقف ضد الاستقلال”

حوار- محمد جمال قندول
قضايا البلاد الشائكة، جعلت أحاديث الساسة هي المرغوبة في بورصة الانباء المتداولة بين الناس، خاصة اذا خرج الحديث والافادات من رجل يتسم بالصرامة والصراحة معاً، على غرار المنسق العام للجبهة الثورية، ورئيس كيان الشمال محمد سيد أحمد سر الختم الجاكومي، الذي يتسم حديثه بالردود المباشرة.
طالعوا هذا الحوار مع الجاكومي:


* تتسع الهوة بينكم كقوى سياسية يوماً بعد الآخر، في وقت ينظر فيه كل طرف على أنه صاحب الحق الأصيل في هذه الثورة، فكيف تنظرون إلى مآلات المشهد السياسي المأزوم؟
ــ الازمة السياسية السودانية ولدت مع بداية الثورة السودانية ٢٠١٨.
* ولدت مع بداية الثورة، أم عقب الاتفاق على شكل الوثيقة الدستورية، حتى نكون أكثر دقة في التوصيف؟
ــ لا.. مع بداية الثورة، ولعل الجميع كان متابعاً، فحينما تكونت تنسيقية اعلان الحرية والتغيير، كنا موجودين بالسجون بعد اعتقالنا في 27 ديسمبر 2018، وخرجنا من المعتقل في 11 ابريل 2019 بعد نجاح الثورة، لكن قبل الموكب الرئيسي الذي دعا له تجمع المهنيين، كانوا يدعون لموكب يذهب للبرلمان لزيادة الأجور. وبالفعل، قاد أحمد ربيع تفاهمات مع بعض القوى داخل البرلمان ككتلة الحزب الاتحادي الديمقراطي وكتلة التغيير، وتم ترتيب لقاء مع إبراهيم أحمد عمر لعرض مذكرة للبرلمان لزيادة الأجور.
كانت هنالك قطيعة كبيرة بين قوى الاجماع الوطني ونداء أهل السودان، ولعلكم تابعتم الملاسنات التي خرجت من الراحل فاروق أبو عيسى تجاه عمر الدقير، ورد عليه الأخير عندما دعونا الأخوة في نداء السودان إلى الاجماع الوطني لضرورة التوحد لمواجهة نظام الانقاذ.
وبالفعل، التأم اول اجتماع بين التحالفين داخل مقر الحزب الشيوعي في الحادي والعشرين من ديسمبر قبل الموكب بأربعة أيام، وطرحنا أن نذهب للقصر لاسقاط النظام، لا البرلمان لزيادة الأجور، باعتبار أن مكون الخدمة الوطنية خلال (30) عاماً دُمر تماماً لصالح الحركة الاسلامية، وبالتالي ليست لدينا مصلحة للمطالبة بزيادة الأجور لأن الازمة سياسية، وأنا تقدمت بهذا المقترح في ذلك الاجتماع وطالبت بتغيير مجرى الموكب إلى القصر لاسقاط البشير.
كان حضوراً في ذلك الاجتماع صديق يوسف وعلي السنهوري وجمال إدريس وصديق أبو فواز، ومن قوى الاجماع: الدقير ويحيى الحسين ومريم الصادق ومحمد سيد أحمد واحمد الدفينة، وأنا الذي طالبت بتغيير المسار والحضور مازال منهم الأحياء موجودين للتوثيق.
وبالفعل تم تغيير الموكب ومخاطبة تجمع المهنيين بهذا الأمر عبر الصحافي محمد الأمين، ومن ثم ذهبنا إلى القصر، وذلك في الخامس والعشرين من ديسمبر ٢٠١٨، وفي اليوم التالي تم تأسيس قوى إعلان الحرية والتغيير بدار المؤتمر السوداني في اجتماع ترأسه عمر الدقير بحضور محمد حمد وصديق يوسف وحيدر الصافي وحيدر خير الله ومحمد حمد وآخرين، وتم الاتفاق على تكوين جسم لقوى الثورة السودانية يتولى العمل المباشر لاسقاط النظام.
وأذكر أن د. مريم الصادق تقدمت بمقترح باسم تنسيقية قوى الثورة السودانية في ذلك اليوم، وقررنا كقوى رئيسة، ان الجسم القيادي لهذا المسمى يكون على النحو التالي: خمسة أعضاء من قوى نداء السودان وخمسة من الاجماع الوطني، وبالفعل في يوم (27) ديسمبر جلسنا في الشقة التي كنا ندير منها العمل، وهي تخص شقيقي عمر سيد أحمد، واتفقنا على أن ينوب عن قوى نداء السودان، عمر الدقير ومريم الصادق ويحيى الحسين ومحمد سيد أحمد ود. حامد ممثل مبادرة المجتمع المدني، وفي السابع والعشرين من ديسمبر تم اعتقالنا.
خلال وجودنا بالمعتقل، تم تأسيس التنسيقية وظلت تعمل جنباً إلى جنب مع تجمع المهنيين، وعقب خروجنا من المعتقل وجدنا تشكيلات جاهزة تتحدث بلسان الثورة والثوار، وصراحة لم تصنع الثورة، وانما صنعها كل الشعب السوداني الذي خرج بدون نداء من أحد، وواجه الانقاذ لأربعة أشهر إلى ان توجت باعتصام أسقط البشير.
وبعد أن خرجنا من المعتقل، وفي أول اجتماع لقوى الثورة، وجدنا هذه المجموعات قد سطت على السلطة، وقوى غير رئيسة وليس لديها اي سند شعبي او جماهيري سرقت الثورة.

* من تعني بهذه المجموعات التي سطت على السلطة؟
ــ مجموعة نداء السودان الذي نحن جزء منه، والتجمع الاتحادي والمجتمع المدني وتجمع المهنيين وقوى الاجماع وتقسمت الكيكة، وفي اول اجتماع قلت لهم أن ما يجري غير صحيح، ولستم وحدكم من صنع الثورة، وهنالك آخرون بلا انتماءات حزبية شاركوا، و”المسألة دي منقوصة، ولا بد من فتحها واحتواء كل القوى التي شاركت في صناعة الثورة، وقلت لهم اين الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل”؟.
* هذه المجموعة التي ذكرتها، تصنف الاتحاديّين كقوى شاركت نظام البشير؟
ــ “معليش، في جزء شارك”، ولكن الاتحادي الأصل لم يشارك بكلياته، ولذا حينما كانت الدعوة لمواكب 2016 و2017 و2018 كان الحزب الاتحادي الاصل حاضراً، وحتى المظاهرة التي دعا لها الحزب الشيوعي لتسليم مذكرة لوالي الخرطوم كان حضوراً، وأقول هذا للتاريخ، وكنا أنا وعلي السيد ومجموعة كبيرة من الأشقاء، وان لافتات الحزب الاتحادي كانت الاكثر بروزا في تلك التظاهرة مع الشيوعي، وفي 2018 حينما اتفق الناس لتسيير موكب لميدان الاهلية وتم اغراق ذلك الميدان ليلاً، كان الاتحادي الديمقراطي يحتل تماماً دار حزب الامة.
* مجموعة المجلس المركزي بحسب تصريحات قادتها، يعتبرون انفسهم ممثلين للشارع وهم قوى الثورة؟
ــ “الشارع ياتو؟ مش الشارع حق باشدار داك؟”.. الشارع ليس ملكاً لاحد والثورة سرقت.. هنالك تباين بوجود مجموعة وثبت على صدر العسكر واخذت السلطة، والآن تريد ان تعود عبر العسكر وهذا لن يتأتي لها.
* عقب اربعة اعوام من سقوط الانقاذ، هل حققت الثورة مطالبها وهل هذا ما كان يرجوه السودانيون؟
ــ ابداً ليس هذا الواقع الذي كان ينتظره الشعب السوداني، ونحن بكل اسف تجربة سالبة لأنها اختزلت في ثلاثة احزاب ليس لديها سند شعبي في التجمع الاتحادي والبعث والمؤتمر السوداني وكذلك حزب الامة الذي يأكل في كل الموائد، ولذلك قلنا ان الفترة الانتقالية لن تمضي بهذا الشكل لانه لا تفويض لاية جهة بادارتها ولا بد من توسيع ماعون المشاركة, وبكل اسف الرئيس البرهان كان يقف مع هؤلاء ضدنا، وحينما كنا نتحدث عن هذا الامر في مجلس الشركاء، كانت المودة بين المجلس المركزي والمكون العسكري أمراً يشيب له الرأس، وحينما كنا نأتي للاجتماع بمجلس الشركاء والسلام ننتقد (قحت)، كان هؤلاء يأتون باجندة جاهزة ورؤية جاهزة ويتم تمريرها، هؤلاء الذين هم مختلفون الآن مع المكون العسكري ويقولون في البرهان ما لم يقله مالك في الخمر، وكنا اينما ذهبنا للرئيس البرهان لاي اجتماع كاطراف سلام جوبا (نجد طه داخل ومارق وخالد سلك مارق وداخل).
* ولكن من ذكرتهم الآن هم الاكثر تشدداً ورفضاً لكل ما يطرح للتوافق؟
ــ “ما عندهم حاجة”.. يريدون ان يعودوا للسلطة مرة أخرى عبر المكون العسكري، واذا اراد المكون العسكري ارجاعهم نقول لهم لن تستطيعوا ان تعيدوا هؤلاء للسلطة مرة أخرى.
* اذن اين تكمن مفاتيح الحل للازمة؟
ــ الحل في الحوار السوداني ــ السوداني دونما تدخل من اية جهة اجنبية من الذين يريدون ان يتدخلوا في شؤوننا، ونحن الذين قمنا باعظم ثلاث ثورات في بلدانهم لم تحدث، ونحن قمنا بثورة شعبية في 64 و85 و2019، ونحن علمناهم كيف تصنع الشعوب اقدارها وتاريخها، والذين يريدون التدخل كوسطاء لحل اشكال الشعب السوداني لا تاريخ لهم ولن يستطيعوا ان يحلوا الازمة، والحل في وضع الوطن اولوية وحوار نتسامى فيه عن خلافاتنا.
* هنالك من يذهبون إلى ان تقسيم سلام جوبا لمسارات خلق ازمة مستدلين بازمة شرق البلاد.. ما تعليقك؟
ــ اتفاق المسارات لم يكن رؤيتنا بالجبهة الثورية، ونحن كنا نتحدث عن مشكلات السودان الكلية، ولكن الاخوة في مسار دارفور اصروا على ان يفصلوا قضايا دارفور بمسار وفصل خاص و”حتى الحركة الشعبية وناس عرمان كانوا مع قومية الحل”، ولكن باصرار اخواننا في دارفور على ان قضاياهم مختلفة وبها نزوح وحروب وابادات ولا بد ان تناقش لوحدها تم الاتفاق على تقسيم هذه المسارات ووصلنا للحالة التي تراها الآن.
* كيف تقيم المبادرات التي طرحت حتى الآن لايجاد حل للازمة؟
ــ مبادرة الطيب الجد هي مبادرة كيزانية كاملة الدسم، ونحن نعلم شخوصها والداعمين لها، ونحن في الحرية والتغيير بالتوافق الوطني قدمنا رؤية ورؤيتنا قطعاً ليست كاملة والكمال لله سبحانه وتعالى، وهي رؤيتنا لحل الاشكال، واستطعنا ان نحشد لها قوى اخرى وشاركتنا فيها الطرق الصوفية وعدد من مكونات الثورة ولجان المقاومة، وهنالك مبادرات أخرى مطروحة مثل الطيب الجد والجبهة الثورية والاعلان الدستوري للمحامين، والحل يكمن في لملمة كل هذه المبادرات في اطار وثيقة واحدة ونلخص المشتركات ونراجع اسباب الخلاف لتقريب وجهات النظر، ونمضي كمبادرة سودانية ــ سودانية لا تتدخل فيها رباعية ولا ثلاثية، ونذهب الى تشكيل حكومة مدنية ذات مهام محددة.
* الجبهة الثورية طرحت اعلاناً دستورياً حوى (39) شهراً للانتقالية.. ما تعليقكم على ذلك؟
ــ طبعاً من مصلحتها ان تدعو لـ (39) شهراً، ثم (39) شهراً لأن الشارع لن يأت بها، واية جهة تمدد الانتقالية تعلم ان الشارع لن يأت بها، ونحن في الحرية والتغيير التوافق الوطني طرحنا عامين باعتبار متبقي الفترة الانتقالية بعد اجراءات الخامس والعشرين قطعت، وخلال العامين ننجز مفوضيات الانتخابات والاحصاء ومكافحة الفساد، ثم نذهب إلى صاحب المصلحة الغائب والمغيب عمداً الشعب السوداني الذي عليه ان يقدم من يقدم ويؤخر من يؤخر.
* كيف تقرأ موقف الحزب الشيوعي الذي يراقب من بعيد ويرفض من يقترب منه لاي حوار يفضي الى توافق مع العسكر؟
ــ “واحدة من مشكلات البلد دي الحزب الشيوعي.. دا حزب وقف ضد الاستقلال”. ومن الاشياء التي تسببت في تأزم الانتقالية الحزب الشيوعي، وكان صديق يوسف يحضر معنا الاجتماعات ويخرج، وبعد قليل نقرأ تصريحات للشيوعي بانه لا صلة له بالاجتماع.. والحزب الشيوعي ليس لديه شيء غير العكننة لانه ايضاً من المكونات التي لا تستطيع ان تأتي بالانتخابات.
* وحزب الامة القومي؟
ــ “دا حزب عندو موقف بليل مختلف عن النهار” ويعتبر واحدة من مشكلاتنا في البلاد ايضاً، وحزب الامة في الجبهة الثورية حينما تحدثنا اليهم للعودة لمنصة التأسيس جاء واشترك معنا، وكل الاجتماعات تمت بدار حزب الامة، وفي اول يوم للاعلان بقاعة الصداقة خرجوا، والآن الصراع بين مجموعة الفريق صديق ومجموعة الواثق.
* لكن الاوضاع لا تختلف كثيراً داخل الاتحادي؟
ــ نعم به صراعات ولكن توجهه واضح، والذي يقوده سياسياً جعفر.
* تأخر تشكيل الحكومة تزامناً مع الازمات الاقتصادية إلى من تحمله؟
ــ هو واحد من اسباب الفشل ويتحمله رئيس مجلس السيادة البرهان الذي يعلم ان القوى السياسية لا تستطيع ان تنسجم وتتوحد، وكان عليه ان يعمل على تشكيل حكومة تصريف مهام حتى الانتهاء من امر الحوار السوداني، واكرر ان الحل هو الحوار السوداني ــ السوداني.
* كيف تقيم جهود الآلية الثلاثية حتى الآن في مساعيها لايجاد حلول؟
ــ (الآلية الثلاثية ياتا؟ فولكر دا مش يا هو القسّم العراق؟) والآن هو جزء من مجموعة المجلس المركزي وكذلك الرباعية.
* هل لديكم تواصل مع مجموعة المركزي؟
ــ ليس لدينا تواصل مباشر معهم، ولكن هنالك قوى بالمجلس المركزي لدينا تواصل معها مثل مجموعة يوسف محمد زين ومجموعات بنداء السودان والاجماع الوطني.
* كيف تنظر الى دعوات مراجعة اتفاق سلام جوبا؟
ــ اتفاق سلام جوبا اصبح ملزماً، وبدلاً من مراجعته يجب الدعوة للممانعين مثل الحلو وعبد الواحد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.