بين الحظ والتدبير.. البرهان أول رئيس سوداني يلتقي ملكاً بريطانياً منذ نصف قرن

رصد – فيوتشر21
بوصول رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان إلى كنيسة وستمنستر وقلعة وندسور في العاصمة البريطانية لندن للمشاركة في تشييع ملكة بريطانيا الراحلة، اليزابيث الثانية، يكون أول سوداني على رأس الدولة، يلتقي ملكاً بريطانياً منذ نصف قرن.
وتوجه البرهان، ظهيرة الأحد إلى العاصمة البريطانية لندن، بعد تلقيه دعوة من الملك تشارلز الثالث لحضور المراسم التاريخية من بين نحو ألفي شخصية عالمية، يرافقه وزير الخارجية المكلف علي الصادق، “لتقديم عزاء السودان ومواساته، حكومة وشعبا، في رحيل الملكة، للأسرة الملكية والشعب البريطاني”. حسبما ورد إعلام المجلس السيادي.

ويعتبر مراقبون دعوة الملك تشارلز الثالث للبرهان، تحولاً لافتاً في الموقف البريطاني من البرهان الذي استقبلته مراسمياً كرئيس دولة للسودان، لأن دعوات التشييع لم تخلو من مواقف بريطانيا السياسية تجاه بعض الدول، كونها رفضت زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتجاهلت دعوة كوريا الشمالية وإيران وسوريا وميانمار وعدد من الدول لأسباب لها علاقة بسجل تلك الدول فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان”.
وكان آخر رئيس جمهورية سوداني زار بريطانيا والتقى الملكة الراحلة هو المشير جعفر نميري في العام 1973 حين استقبلته وقتها في قصر بكنغهام الملكة الراحلة وابنتها الأميرة أن.
وبعدها زار رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي لندن خلال حكمه في العام 1987 واستقبلته وقتها رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر لكنه لم يحظ خلال فترات الثلاث سنوات التي تولى فيها رئاسة الوزارة بلقاء الملكة الراحلة.
أما الرئيس المعزول عمر البشير الذي حكم السودان لنحو 30 عاماً، فلم لم تطأ قدماه العاصمة البريطانية لندن، وبذلك يبدو حظ خليفته على كرسي الحكم، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أفضل بكثير ممن سبقوه، رغم أنّه شن هجوما كاسحاً على بريطانيا في ذكرى معركة كرري الأسبوع قبل الماضي، بل طالب بشكل صريح أن تقدم حكومتها اعتذارا لما سماه “المذبحة” التي ارتكبها الجنود البريطانيين ضد جيش المهدي.


وغداة تصريحات البرهان، أعلن القصر الملكي وفاة الملكة الأم اليزابيث. ولأن السودان كان من بين المستعمرات البريطانية، فإن الملك تشارلز الثالث الذي جلس على كرسي الملك قرر دعوة البرهان لحضور مراسم التشييع من بين قادة وملوك وأمراء دول العالم، جنباً إلى جنب مع الدول التي كانت ضمن سلسلة المستعمرات التي صادقت الملكة على إجراءات استقلالها ومن بينها السودان.
وهكذا، استحق البرهان، لقب أول “رئيس” سوداني يزور بريطانيا منذ العام 1987، وكذلك هو أول من يلتقي ملك بريطاني بعد 50 عاماً من لقاء جعفر نميري بالملكة اليزابيث.
من جهة ثانية، ينتظر أن يشارك البرهان خلال اليومين القادمين في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ويلقي خطابا باسم السودان يوم 22 سبتمبر الجاري بحسب مصادر متطابقة.
وتجئ مشاركة البرهان وسط اعتراض العديد من المنظمات السودانية والأمريكية على زيارته لمباني المنظمة الدولية في نيويورك، وفي حال وصوله ومخاطبته لقادة العالم سيكون البرهان كذلك أول من يحمل صفة رئيس سيادي يخاطب القمة الدولية بعد 30 عاما من مخاطبة سلفه عمر البشير للقمة التي عقدت العام 1992.
ويقول مسؤول رفيع في الخارجية لسودان تربيون ”لا استطيع تأكيد زيارة البرهان. لكن حال مخاطبته للجلسة، سيكون أول من يحمل صفة رئيس دولة يخاطب الجمعية العامة بعد أن فعلها الرئيس المعزول عمر البشير مطلع التسعينات، فيما خاطب عبد الله حمدوك القمة بصفته رئيس وزراء واعتقد الصادق المهدي خاطبها بنفس الصفة خلال فترة حكمه في الديمقراطية الثالثة فيما تعد أشهر مخاطبة تلك التي ظهر فيها محمد أحمد محجوب رئيس وزراء السودان بعد هزيمة 1967″.
ويضيف ”لا أعتقد الأمر يتعلق بالحظ، بقدرما أن البشير كان يمكنه المشاركة رغم إعلان السودان دولة راعية للإرهاب العام 1993 وبعد توقيع السلام، شارك نائبه علي عثمان بوصفه المفاوض عن حكومة السودان في نيفاشا”.
يشار إلى أن عبد الله حمدوك خاطب القمة الدولية العام 2019 من داخل مباني الأمم المتحدة في نيويورك، كما خاطبها في أعوام 2020 و2021 الكترونيا بسبب الاحترازات التي فرضها وباء كروونا، وتقرر هذا العام أن يكون التمثيل للدول بالحضور داخل مباني الأمم المتحدة بعد رفع الاحترازات الصحية.
وظل البشير يحاول لسنوات عديدة قبل سقوط نظام حكمه وصرح أكثر من مرة انه سيتحدى الولايات المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية لكنه لم ينفذ وعيده، وبهذا يكون حظ البرهان أفضل بكثير من البشير على الأقل إلى الآن على الرغم من تحضيرات منظمات وجاليات سودانية في مدن الولايات المتحدة المختلفة للاحتجاج والتظاهر ضد حضوره للقمة.
وليس بعيداً عن ذلك، قررت الجامعة العربية عقد قمتها القادمة في العاصمة الجزائر بعد انقطاع استمر ثلاث سنوات، حيث عقدت آخر اجتماع مطلع العام 2019 في العاصمة تونس والتي مثل السودان فيها نائب الرئيس وقتها، الفريق عوض ابنعوف، وبعدها توقفت القمة العربية لدواع وباء كروونا وللتشرذم العربي، قبل أن يتقرر إسناد قمة هذا العام في 3 نوفمبر إلى الجزائر، على أن يرأسها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي أرسل دعوة رسمية للسودان، تسلمها البرهان ووعد بتلبيتها حسبما نشر موقع الرئاسة الجزائرية ومجلس السيادة السوداني.
وحال حضور البرهان اجتماع الجزائر، سيكون أول من يحضر القمة باسم رئاسة السودان لأنه لا يتوقع أن يتم اتفاق سياسي يعيد السلطة للمدنيين قبيل انعقاد القمة في ظل الظروف السياسية الراهنة، وهو الأمر الذي يرجح مشاركة البرهان إلى جانب زعماء الدول العربية.
ويقول ضابط رفيع من الجيش السوداني خدم إلى جانب البرهان في فترات عديدة، أن الحظ كان دائماً يلعب لصالح البرهان ويضيف ”هو كان دائما محظوظاً في لعبة الورق وغيرها.. وفي الحرب أيضاً..”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.