تقرير – الزين عثمان
في ديسمبر من العام الماضي، أعلن سعد الكابلي، وفاة والده الفنان عبد الكريم الكابلي عن عمر يناهز الـ(90) عاما في مستشفى بالولايات المتحدة الأمريكية، وتمت مواراة جسده الثرى هناك وسط حضور كبير للسودانيين.
وأمس الجمعة، وبعد أكثر من تسعة أشهر على رحيله، احتوى تراب السودان رفات الفنان الذي طالما غنى له ولأحلام شعبه، حيث تم نقل الرفات وإعيد دفنه في مقابر الصبابي بمدينة الخرطوم بحري.
وشيعت جماهير غفيرة جثمان الموسيقار عبد الكريم الكابلي بالخرطوم التي وصل إليها، الجمعة، عقب مضي حوالي (330) يومًا من وفاته بالولايات المتحدة مطلع ديسمبر الماضي، بعد رحلة فنية استمرت (60) عامًا. وقالت أسرته إن الكابلي سبق وأن أوصى بأن يتم دفنه في السودان.
وتوفي الكابلي الملقب بـ”عبقري الأغنية السودانية”، عن عمر ناهز الـ(90) عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض، دخل على إثرها العناية المركزة لأكثر من ثلاثة أشهر بإحدى مستشفيات ولاية ميتشيغان الأمريكية التي كان يقيم فيها مع بعض أفراد أسرته.
وغادر الكابلي إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل نحو تسع سنوات وحصل على الجواز الأمريكي هناك.
وتميز الكابلي المولود في العام 1932 بمدينة بورتسودان، بمواهب متعددة بجانب الغناء ووضع الألحان، فقد كان بارعًا في كتابة الشعر وامتلك ناصية التعمق في الثقافات السودانية؛ ما جعل البعض يطلق عليه فنان المثقفين السودانيين، فإضافة إلى حسه الموسيقي المرهف، فهو مثقف ومترجم وباحث تراث من الطراز الرفيع.
الكابلي قام بتلحين وأداء أوبريت السلام المعنون بـ”الهجرة والاغتراب”، والذي كتبه السياسي السوداني زائع الصيت الشريف زين العابدين الهندي. وهو العمل الذي تنقل فيه الكابلي بين ثقافات وموسيقى السودان بشكل بالغ السلاسة.
وبعد أن أكمل دراسته في خمسينات القرن الماضي؛ التحق الكابلي بالقضاء السوداني وعمل به نحو (20) عامًا، قبل أن يقضي بضع سنوات في العمل كمترجم في السعودية، ليعود إلى السودان مرة أخرى، محترفًا الغناء ليتربع على قمة الهرم الفني مع عدد من كبار المبدعين السودانيين.
واستغل الكابلي الفرص التي سنحت له في العام 1960 حين غني رائعته أنشودة “آسيا وأفريقيا” في حضور الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، بعد أن ظل يغني في دوائر ضيقة للأهل والأصدقاء، وهي أغنية بالعربية الفصحى، وهي الطريقة التي جعلت أغنياته تلامس الوجدان، خصوصًا وأنه كان بارعًا في اللغة العربية ويخرج الكلمات بدقة شديدة.
ومن أبرز أغنيات الكابلي التي تربعت على عرش الغناء السوداني “مروي” و”حبيبة عمري “و”آسيا وأفريقيا” و”يا ضنين الوعد” و”أراك عصي الدمع” و”أكاد لا أصدق” و”زمان الناس” و”حبك للناس” و”شمعة” و”دناب” و”لماذا” و”معزوفة لدرويش متجول” لشاعرها السوداني محمد مفتاح الفيتوري. كما أنه غنى للشاعر الراحل عمر الطيب الدوش قصيدة “سعاد”.
وعقب إعلان وفاته، نعاه رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك بقوله “الكابلي رمزٌ من رموز الفن السوداني، وصرح أدبي ضخم حفر اسمه في وجدان شعبنا بأحرف من نور”.
وأمس الجمعة بين مطار الخرطوم الدولي ومسجد الشيخ متولى بالخرطوم بحري ومقابر الصبابي حمل السودانيون جثمان الكابلي، وأعادوا تشييعه مرة أخرى، وهم يرددون نصوص أغنياته: “أنت فينا كبير” و”ريدنا ليك كتير”، قبل أن يردد الجميع أحد أغنيات الراحل “القومة ليك وطني”، وتنتهي المسيرة بعودة الكابلي ليحتضن ثرى تراب بلاد أحبها جدًا وبادله شعبها ذات الشعور.
المصدر هنا