رواية| سيمفونية الموتى .. أعادة كتابة قصة “قابيل وهابيل”

– بثينة العيسى

عبّاس معروفي أعاد كتابة قصة «قابيل وهابيل» في رواية إيرانية معاصِرة، مكتوبة بتوليفة صوتية شديدة التركيب، تتناول تراجيديا أسرة تعيش في شمال إيران في أربعينيات القرن الماضي، قبيل الحرب العالمية الثانية وبعدها، وتعاصر اجتياح الرُّوس والبريطانيين، لكن مأساتها الأكبر جاءت من ثقافة المقارنات والتمييز والقسر الذي مارسه الأب، حارس التقاليد، على أبنائه الأربعة الذين لم ينجُ منهم إلا واحد؛ القاتِل.

إذا جاز أن نعتبر القاتل ناجيًا.

يقول النقاد بأن «سيمفونية الموتى» هي النسخة الإيرانية لرواية «الصخب والعنف» لفوكنر، ويبدو الأمر منطقيًا إذا رأينا بأن العملين اتخذا خيارات فنية متشابهة؛ القفزات الزمنية العشوائية، والتعددية الصوتية المربكة. تتطلّب الرواية تركيزًا عاليًا، ورشاقة في القفز من منظور إلى آخر، لكنك بمجرد أن تقبل الطريقة التي يقترحها عليك النص لقراءته، سيصبح أسهل.

قرأتُ هذا العمل، رغم طوله، في يومين، وكان مصدر عزاء حقيقي أمام الساعات الطويلة التي قضيتها في السرير محمومة.

المصادفة أن معروفي قد فارق الحياة قبل شهرٍ فقط من ابتدائي بالقراءة، في 1 سبتمبر 2022 عن عمر يناهز 65 عامًا فقط، تقول التقارير بأنه غادر إيران في 1996 وعاش في ألمانيا وافتتح فيها أكبر مكتبة إيرانية في أوروبا. حدث ذلك بعد أن انتقد الحكومة الإيرانية في مقالاته، الأمر الذي عرّضه للملاحقة والحكم بالإعدام، ثم تم تخفيف هذا الحكم إلى السجن لستّة أشهر وعشرين جلدة، ومنع أعماله من النشر.

إن ما حدث لمعروفي، على يد الحكومة الإيرانية، ويا للمفارقة!، هو نفس ما حدث لبطله «آيدين» على يد أبيه وأخيه..
لقد كتب الرجل قصته دون أن يدري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.